جنكيز خان | قاهر الملوك و مؤسس أكبر امبراطورية فى التاريخ

جنكيز خان | Genghis Khan


بين عامي 1206 وعام 1227. يحتل القائد المغولي جنكيز خان 12 مليون ميل مربع من الأراضي أكثر من أي شخص آخر في التاريخ وكوّن أكبر إمبراطورية متصلة الأراضي عرفها التاريخ وهي الإمبراطورية المونغولية. شق طريقه عبر آسيا وأوروبا دون رحمة تاركا ملايين الموتى خلفه في أقل تقدير تاريخي لعدد الضحايا الذين تسببت حروب جنكيز خان في موتهم. هو 40 مليون إنسان ورغم دمويته المفزعة إلا أنه احتل عن جدارة مكانة مميزة بين أفضل القادة العسكريين في التاريخ. الرجل الذي أصبح فيما بعد الخان العظيم ولد على ضفاف نهر"أونون" في تاريخ غير معروف ولكن يعتقد أنه ما بين عامي 1155م و 1162م والده يدعى "يسوغي "أو "يسوكاي" وكان زعيم قبيلة "قيات" كان في حرب ضد "التتار" وقتل زعيمهم "تيموجين" وعندما عاد لبلاده وجد زوجته أنجبت له ابنها في يده قطعة من الدم وكان ذلك في ثقافتهم يعني أن المولود سيصبح قائدا عظيما فسماه والده "تيموجين" تيمنا بالعدو الذي قتله قبل عودته.

وقد حصل اسم الشرف "جنكيز خان" عام 1206م عندما أعلن قائدا للمغول. ويختلف المؤرخون على معنى الاسم فقد يكون معناه "قاهر الملوك" أو "ملك الملوك". أجبر "جنكيز خان" في عمر مبكر على الكفاح والاعتياد على حياة المغول الوحشية أعداؤه قتلوا أباه بالسم عندما كان في التاسعة وقبيلته طردت عائلته وتركت أمه وحيدة لتربية أطفالها السبعة وذلك بعد أن طالب بحقه في الحكم خلفا لأبيه بحكم الوراثة ولكن القبيلة رفضت أن تتبع طفلها. شَبّ "جنكيز خان" على الصيد والنهب لتأمين لقمة العيش ومن الممكن أن يكون قد قتل أخاه غير الشقيق بسبب النزاع على الطعام.

خلال مراهقته اختطف هو وزوجته الصغيرة من قبل العشائر المنافسة وأصبح عبدا عندهم حتى تمكن من الهرب رغم كل الصعوبات تمكن وعمره عشرون عاما من إثبات نفسه كقائد ومحارب عظيم بعد أن جمع حوله جيشا من المؤيدين بدأ يتحالف مع رؤساء القبائل وبحلول عام 1206م تمكن من توحيد قبائل السهول تحت رايته وبدأ يفكر بالتوسع. كانت في ذلك الوقت هضبة آسيا الوسطى مقسمة لعدة قبائل منهم "الميركيت"و"النايمان" و " التتار"و"خاماق المغول" وكانت غير ودية مع بعضها وكل منها مستقلة بذاتها. بدأ صعود "جنكيز خان" للسلطة حين قدم نفسه حليفا لزعيم قبيلة "الكارييت" اتجه "جنكيز خان" لإصلاح شؤون الداخلية فأنشأ مجلسا للحكم سمي "قوريلتاي" في هذا المجلس تحددت لأول مرة إشارات ملكه ونظم إمبراطوريته ووضع لشعبه دستورا محكما سمي "قانون الياسا" لتنظيم الحياة.

تصدعت العلاقة بينه وبين حليفه حين رفض الأخيرة تزويج ابنته لابن "جنكيز" الأكبر وهذه دلالة على عدم الاحترام في الثقافة المنغولية. أدى هذا التصرف إلى الانقسام والقطيعة بين الزعيمين ومهدت إلى الحرب. وأثناء الحرب الطاحنة منع "جنكيز خان" جنوده من النهب والسلب والاغتصاب دون إذنه وقام بتوزيع الغنائم الحربية على المحاربين وعائلاتهم بدلا من "الارستقراطيين". وبهذا حصل على لقب خان أي السيد بعد انتصاره في الحرب. قام "جنكيز خان" بتأسيس فرقة الحرس الإمبراطوري وقسمها إلى قسمين الحرس النهاريون والحرس الليلي وكان يكافئ أولئك الذين يظهرون له الإخلاص والولاء ويضعهم في مراكز عليا.

جنكيز خان

وكان معظم هؤلاء يأتون من عشائر صغيرة قليلة الأهمية أمام العشائر الأخرى. أصبح بعد ذلك أقوى شخصية منغولية. وقضى ثلاثة سنوات في توطيد سلطانه والسيطرة على المناطق التي يسكنها المغول حتى تمكن من توحيد من منغوليا بالكامل تحت لوائه خلال رحلته لتوحيد إمبراطوريته سفك الكثير من الدماء وسعى في البلاد التي احتلها خرابا وارتكاب مجازر بحق المسلمين فيها حتى عرف في نهاية الأمر بأنه رجل سفاك للدماء شديد البأس, بعد توحيده لمعظم القبائل تحت رايته. برزت إمبراطوريته كقوة جديدة فوقع في نزاع مع حكام شمال الصين فقام بغزو ممالك الصين الشمالية وضمها إليه وبعد ذلك جرت بينه وبين الدولة الخوارزمية الإسلامية بعض الاستفزازات فاحتلها ودمرها بعد حروب طويلة دامت لسنوات واحتل بلاد ما وراء النهر وفارس.

وبعدها هاجم "كييف" الروسية والقوقاز وضمهم إلى ملكه. واصل "جنكيز خان" خطته في توسيع إمبراطوريته فبسط سيطرته على منطقة شاسعة في إقليم من منغوليا وامتدت حتى صحراء "جوبي" لتتشكل مع سنوات طويلة من الحروب والدمار. ملامح الإمبراطورية الجديدة التي أرعبت ملوك العالم في ذلك الزمان كان "جنكيز خان" يقدر المواهب جدا وعادة ما كان يختار قادته على أساس المهارة والخبرة بغض النظر عن الطبقة والسلالة وحتى الولاءات السابقة. وكمثال على ذلك خلال إحدى معاركه أصيب حصان "جنكيز خان" بسهم وكاد أن يقتل. وبعد أن انتهت المعركة عينة "جنكيز خان" الأسرى وطالب بمعرفة الجندي الذي أطلق السامة وقام بعد ذلك بتعيينه ضابطا في جيشه ولقبه بالسهم ليصبح هذا الجندي فيما بعد أحد أعظم القادة الميدانيين خلال احتلال المغول لآسيا وأوروبا.

جنكيز خان


من المستحيل معرفة العدد الحقيقي لضحايا الغزو المغولي. لكن الكثير من المؤرخين يقدرونه بحوالي 40 مليون. ويقدر الباحثون أنه قتل ثلاثة أرباع سكان إيران الحالية في حربه على الإمبراطورية الخوارزمية. وربما يكون الأغرب أنه رغم كل هذه الدموية كان متسامحا مع الديانات المختلفة فحروبه كانت حروب بسط نفوذ وسلطة وليست حروبا دينية. فقد أصدر قوانين تسمح بحرية المعتقد وتستثني دور العبادة من الضرائب. هذا التسامح كان له جانب سياسي حتى يستمد رضا الشعوب. هذا بالطبع بالنسبة للشعوب التي دخلت في مملكته بلا مقاومة.

جنكيز خان


أما الممالك التي قاومته فقد دمرها إلى حد الإبادة كما فعل بالإمبراطورية الخوارزمية. توفي "جنكيز خان" عام 1227م وكان قبل وفاته أمر بأن تقسم إمبراطوريته بين أبنائه وأحفاده ويعتبر موته ومكان دفنه لغزا محيرا فقالوا بأنه مات من إصابات ناتجة عن سقوطه عن حصانه لكن مصادر أخرى تذكر احتمالات عديدة أخرى كإصابته بالملاريا أو موته بسبب سهم أصاب ركبته. ومهما كانت طريقة موته فقد عمل "جنكيز خان" جاهدا على إبقاء مكان دفنه سريا. ووفقا للأسطورة فإن أعضاء موكب جنازته ذبحوا كل من صادفوه في طريقهم نحو مكان الدفن.

وبعد دفنه جعلوا الخيول تدوس على مكان دفنه لإخفائه القبر على الأرجح عند جبل من منغوليا اسمه "برخان". وحتى اليوم فإن مكانه ليس محددا. الغريب أنه رغم كونه أحد أكثر الشخصيات التاريخية تأثيرا فنحن لا نعرف إلا القليل عن حياة "جنكيز خان" الشخصية أو شكله الخارجي فلم تصلنا أية رسومات أو تماثيل تصوره والمعلومات التي وصلت للمؤرخين غالبا ما كانت متناقضة أو غير موثوقة. وفي النهاية لا يختلف "جنكيز خان" عن باقي الأشخاص الذين منحوا أنفسهم سلطة مطلقة لبسط نفوذهم على أراضي غيرهم وبسبب ذلك ارتكبوا أبشع الجرائم واستحلوا الدماء والبيوت والأعراض.

Post a Comment

أحدث أقدم