حضارة شعب المايا | هل هي اقدم حضارة في العالم ؟

في البقعة الجغرافية الممتدة من جنوب شرق المكسيك حتى أمريكا الوسطى وفي الحِقْبَة التاريخية القديمة التي بدأت في العام 2000 قبل الميلاد قامت حضارة عظيمة لاتزال شواهدها الأثرية باقية إلى يومنا هذا كأحد أهم معالم التاريخ البشري في تلك المنطقة الجغرافية وأكثرها غموضا, قد كان لشعب تلك الحضارة اتباع طويل وإنجازات في مجالات شتى الطب والعمران والفن. 

 إنها حضارة شعب المايا 

جزء كبير من منطقة وسط أمريكا التي تعرف حاليا في غواتيمالا وبليز وهندوراس والسلفادور وفي نطاق 5 ولايات جنوبية في المكسيك مثل كامبيتشي وتشياباس وكينتانارو وتاباسكو ويوكاتان.

استطاع شعب المايا بناء حضارة بزغ فجر شمسها في العام 2000 قبل الميلاد امتدت هذه الحضارة لما يقارب 3000 عام. وحسب ما يذهب اليه المؤرخون والمختصون وفقا للتسلسل الزمني لوسطي أمريكا  فإن حضارة شعب المايا مرت بثلاث مراحل تاريخية منذ قيامها وحتى وصول الغزو الاسباني إلى سواحل أمريكا الجنوبية بعد اكتشاف كولومبوس لها هذه المراحل هي :

 مرحلة ما قبل الكلاسيكية:

تسمى هذه المرحلة من تاريخ شعب المايا بالمرحلة الزراعية والتي تبدأ وفقا لتقويم العدد الطويل لوسط أمريكا في العام 3114 قبل الميلاد. تميزت هذه المرحلة بظهور المجتمعات المتحضرة وتطور اللغة واكتساب الشعب بعد الخبرات التي جعلتهم يبدؤون بصناعة الفخار والتماثيل الصغيرة المصنوعة من الطين المحروق قد امتدت هذه المرحلة حتى عام 320 ميلادية. 

المرحلة الكلاسيكية أو المرحلة الدينية:

سميت بذلك لأنه كان يعتقد في البداية أن مجموعة من شعب المايا كانت تمارس السلطة السياسية والكهنوتية والحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إطار مرتبط بالدين وكان للكهنة أهمية كبيرة في حكومة ولاية المايا الكلاسيكية لكنها لم تتولى السلطة الكاملة حيث كانت الفئات النبيلة من المحاربين هي التي تمسك بالسلطة.

وقد كانت الصبغة العامة لمجتمع المايا في صورة مجتمع يحكمه الكهنة. شهدت حضارة المايا في هذه الفترة الذروة في التحضر والبناء على نطاق واسع وتسجيل النقوش وتعتبر فترة هامة للتطور الفكري والفني ولاسيما في المناطق الجنوبية المنخفضة وقد تطورت الزراعة بشكل كبير وأصبحت نشاطا اقتصاديا أساسيا وكانت تمارس من قبل عدد كبير من المزارعين حيث تم تقسيم العمل المعقد في مجتمع المايا الأمر الذي أدى إلى وجود تقسيم طبقي اجتماعي قوي. وقد امتدت هذه الفترة من 320 إلى 987 ميلادية.

مرحلة ما بعد الكلاسيكية.

المدة الزمنية لهذه الفترة 1687 ميلادية عندما زادت سلطة الكهنة وفساد النبلاء وتخلي شعب المايا عن المراكز الإحتفالية خلال الفترة الكلاسيكية.

ظهرت نزعة للثورة في طبقة الفلاحين ضد تسلط الكهنة والنبلاء مما تسبب في سقوط المايا الكلاسيكية وانتهاء عصرها تل ذلك دخول شعب المايا في مرحلة الاستعمار الخارجي عندما توالت الحملات الإسبانية على شواطئ أمريكا الوسطى.

عجائب حضارة شعب المايا

 تقويم أو روزمانة حضارة شعب المايا:

 تعاملت كل الحضارات القديمة مع الزمن باعتباره تطورا خطيا مستمرا بينما اعتمد تقويم حضارة المايا المعقد على فكرة أن الزمن عبارة عن دوائر وهو ما يعني باختصار أن الزمن يعيد نفسه. لذا فمن أحداث الماضي التي وقعت بالفعل يمكن التنبؤ بأحداث المستقبل ومع الفهم الكامل لهذه الحقائق الغريبة والمتطورة في زمانها ودعمها بالكثير من العلوم الأخرى اعتقدت حضارة المايا أن بمقدورها التنبؤ بالأحداث التي ستأتي مستقبلا.

اعتبرت الروزمانة إحدى الجوانب الثقافية  لحضارة المايا وكانت هذه الروزمانة تضم 18 شهرا في كل شهر 20 يوما. عاد الشهر المقدس وهو شهر من 5 أيام وقد اعتمدت هذه الروزمانة 3114 قبل الميلاد. شمل نظام التقويم شعب المايا نظاما يسمى نظام العد الطويل الذي يتتبع الوقت عن طريق وحدات مختلفة يتراوح طولها من يوم واحد إلى ملايين السنين. أما في مجال الفلك فقد كان شعب المايا على علم بالتواريخ والأيام بشكل دقيق كما أنهم كانوا على علم بتحركات النجوم وكذلك ظاهرتي الخسوف والكسوف. كان لشعب المايا تقويمين في حساباتهم الفلكية واحد للحسابات الطويلة والآخر للاستخدام الديني أو الحسابات الزمنية القصيرة.

وقد قاموا بحساب مواقع الأجرام السماوية على امتداد مئات السنين لاعتقادهم بأن الأحداث الماضية يجب أن تتكرر في المستقبل. وكان شعب حضارة المايا يؤمنون بأن البشر يخلقون ويثنون في دورات تزيد قليلا عن 5000 عام. وبما أن آخر سلالة بشرية من وجهة نظرهم ظهرت قبل 3114 من الميلاد فإن نهايتهم ستكون في عام 2012 وتحديدا في 21 من ديسمبر من ذلك العام. 

أهرامات حضارة المايا :

لا يزال شعب المايا لغزا عصيا على الفهم حتى اليوم لأن كل ما تركه لا يعدو كونه بعض الشواهد الصامتة ,تعتبر أهرامات المايا من أكثر شواهد حضارتهم إثارة للحيرة والغموض ولا تزال لغزا غامضا يحاول المختصون فك رموزه وكشف غموضه.

ولعل أشهر تلك الأهرامات هو هرم المعبد المعروف باسم هرم "كولكان" الذي يعتبر من أشهر الآثار التي تركها شعب المايا بني هذا الهرم من الحجر الجيري بهندسة معمارية تشهد بعبقرية وعظم من بنوها فعلى كل جانب من جوانب الهرم تنحدر سلالم تتكون من 91 درجة تقود الزائر إلى أعلى وصولا إلى قمة الهرم, من الألغاز العجيبة في هذه السلالم الجانبية أن مجموع هذه الدرجات على جوانبه الأربعة بالاضافة إلى قاعدة الهرم يبلغ 365 وهذا العدد يتطابق مع عدد أيام السنة عند تساوي الليل والنهار وهو ما يعرف بظاهرة الاعتدال الربيعي والخريفي تحدث بعض الظواهر الخاصة عند هرم "كولكان" فمثلا مع غروب الشمس يتحرك ظل منصات الهرم مثل الثعبان أسفل الدرجات ويلتقي مع رؤوس الثعابين الحجرية عند قاعدة الهرم وهذا ما ينعكس على أن الكيفية الهندسية التي بنيت وفقها هذا الهرم هي قمة الإعجاز المعماري وعبقرية الإبداع الرياضي التي وصل إليها شعب المايا يعتقد العلماء والمختصون بأن المعابد والأهرامات كان يتم تشكيلها وإعادة بنائها كل 52 سنة تزامنا مع تقويم المايا العد الطويل.

ويبدو أن عملية إعادة البناء تتم مع كل حاكم جديد أو بسبب أمور سياسية ومع ذلك فإن عملية إعادة بناء على المباني القديمة كان شيئا مشتركا وأبرزها الاكروبول الشمالية في منطقة التيكال  حيث يبدو أنها تمت عليها  1500 سنة من التعديلات المعمارية طوال فترات متعاقبة من تاريخ حضارة المايا توجد تسع مجموعات لأهرامات توأمية في تيكال وواحد منها في ياكسا ولكسلو وتلك التي في تيكال كانت تستخدم لإحياء ذكرى نهاية دورة كاتون التي مدتها 20 عاما. وخلال رصد العديد من العناصر المتناسقة والأساليب المتميزة لآثار حضارة المايا أصبحت بقايا الهندسة المعمارية للمايا أداة هامة لفهم تطور حضارتهم القديمة.

المراصد وعلوم الفلك عند حضارة المايا:

تميز شعب المايا بالأرصاد الفلكية الدقيقة جدا حيث استخدموا مخططات حركة القمر والكواكب للتنبؤ بالكسوف والأحداث السماوية الأخرى مثل الوقت بين الاقترانات لكوكب الزهرة.

وقد كانت دقة عملهم في الفلك والتكوين المستمدة منه متفوقة على أي شعوب أخرى معروفة من 1700 سنة مضت. كما توجد بعض الدلائل التي تشير إلى أن حضارة المايا هم أول من اكتشف سديم الجبار أوريون قبل اختراع التلسكوب. وما يدعم ذلك هي تلك الحكاية الشعبية التي تدور رحاها حول منطقة كوكبة الجبار في السماء ترى مداخنهم التقليدية في وسط لطخة من نارهم المتوهجة التي تتوافق مع سديم الجبار. وهذا يعد دليلا قويا بأن حضارة المايا اكتشفت منطقة منتشرة في السماء وليس منطقة محددة للنجوم. كل هذا قبل اختراع التلسكوب, كما اهتم شعب المايا في أوقات تعامد الشمس فوق الرأس وأغلب مدنهم تقع تحت مدار السرطان.

وهذه الظاهرة تحدث مرتين في السنة بفترة متساوية من الانقلاب الشمسي.

تحف طائرات المايا الذهبية:

لغز آخر لايزال منذ سنوات يحير عقول العلماء والباحثين المهتمين بحضارة المايا حيث تم العثور على تحف ذهبية في أشكال شبيهة جدا بالطائرات الحديثة وهي عبارة عن تماثل صنعت من الذهب الخالص على شكل أجسام مجنحة وكانت تزين قديما صدور زعماء القبائل وتوجد عينات من هذه الأشكال المجنحة الشبيهة بالطائرات في عدة متاحف عالمية من بينها متحف الذهب في كولومبيا ومتحف علم الأجناس البشرية في برلين ومتحف التاريخ الطبيعي في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية. بدأ الاهتمام يتركز على هذه التحف الذهبية الغريبة في عام 1969 حين لاحظ بعض الباحثين الشبه الشديد بينها وبين نماذج الطائرات المعاصرة.

قام خبراء في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1996 بإجراء تجارب على نماذج طائرات صنعت طبق الأصل عن هذه المجسمات الذهبية بعد مضاعفة حجمها 16 مرة. والنتيجة كانت مذهلة حيث وجدوا بأن تلك النماذج  المستنسخة عن تحف "المايا" الذهبية والتي يتم التحكم فيها عن بعد تتميز بقدرتها المثالية على الطيران  وبحركتها الانسيابية مع الهواء وبأن مثيلات لتصاميمها لا وجود لها في الطبيعة. بعد ذلك قام العديد من الخبراء المتخصصين في الطيران في عدة جامعات ومؤسسات علمية أوروبية وآسيوية بإجراء اختبارات مماثلة. والنتائج كانت مطابقة ومدهشة وتؤكد أن تصاميم المايا الذهبية بغض النظر عن الهدف منها تبدو في الجو كما لو أنها أعدت بدقة متناهية خصيصا لكي تطير حضارة المايا تعتبر إحدى أكثر الحضارات غموضا وإثارة الألغاز التي لا يزال المختصون يحاولون حلها وكشف الغموض عن أسرارها.

ولعل من أبرز أسباب اندثار حضارة المايا هي قيام الغزاة الإسبان بحرق كل مخطوطات هذا الشعب تقريبا لان القساويسة  الذين رافقوا الحملات العسكرية أمرو بإحراق كل ما كان يتم العثور عليه من كتب المايا كونها حسب رأيهم كتابا للشيطان.