من هو منسا موسى | أغنى رجل في التاريخ وملك الذهب والملح

السلطان منسا موسى | أغنى رجل عرفه التاريخ وملك الذهب والملح

يعرف باعتباره أغنى رجل في تاريخ البشرية، كان ملكا مسلما عاش في القرن 14 الميلادية فيما يعرف الآن باسم مالي. نعم مالي البلد الإفريقي الفقير الذي يقع على حدود بلدين عربيين هما الجزائر وموريتانيا. قام Celebrity Net Worth، الموقع المعني بأخبار الأغنياء وثرواتهم، بدراسة حول أغنى 25 شخصا على مر تاريخ البشرية، مرتكزا على المعلومات التاريخية والاقتصادية وبحسابات معدل التضخم على مر الزمن. وجاءت النتيجة أن منسا موسى الأول ملك مملكة مالي سيد الذهب والملح كما كان يطلق عليه، يعتلي تلك القائمة ويكاد ينفرد بها بعيدا عن أقرب منافسيه.

كم تبلغ ثروة منسا موسى؟

منسا موسى الأول ملك إمبراطورية مالي التي كانت تشمل حينها  "غانا " هو أغنى رجل في تاريخ البشرية وتبلغ ثروة السلطان منسا موسى بالتقييم الحالي 400 مليار دولار، ويعتبر أعظم سلاطين مملكة مالي الإسلامية التي قامت على أنقاض مملكة غانا الوثنية التي أسقطها المرابطون سنة 1087م، التي سيطرت عليها بعد ذلك مملكة  "Kangaba" المسلمة بقيادة الأمير Sundiata Keita حيث تأسست مملكة مالي.

قليل هو ما نعرفه عن السلطان منسا موسى قبل توليه الحكم خلفا لأبو بكر الثاني، حيث تبدأ الحكايات حوله من بعد وصوله لسدة الحكم.

من هو منسا موسى؟

ولد منسا موسى عام 1280 وتعني كلمة منسا ملك الملوك وكان معروفا بالتقوى والكرم واستمرت فترة حكمه لمدة 25 عاما وهي تعتبر العصر الذهبي لمملكة مالي. تولى منسا موسى عرش إمبراطورية مالي مستندا إلى اعتباره حفيدا لإحدى شقيقات جده الأكبر الملك Sundiata. ولم يكن منسا موسى عند قبائل الماندينك ملكا يحكم الناس والاراض فحسب، وإنما كان من أولياء الله، وهي مكانة دينية رفيعة دخلت قلوب شعب وقبائل الماندينك الذين كانوا يؤمنون بأن الله قد ألهم موسى القدرة على حكم أكبر إمبراطورية إسلامية سوداء في فترة العصور الوسطى.

خلال فترة حكمه اتسعت حدود الدولة اتساعا كبيرا امتدت شمالا في الصحراء المغربية حتى اشتركت حدودها مع مراكش المغرب، وغربا إلى المحيط الأطلسية وشرقا حتى دولة الهوسا. وعرف عن جيشها النشاط الكبير حتى أنه فتح 24 مدينة من مدن السودان في مدة قصيرة للغاية. كما اهتم موسى بالعمران وبناء المساجد.

كيف اصبح منسا موسى أغنى رجل في التاريخ؟ 

  في عهد منسا موسى ازدهرت المدن التجارية وكان أشهرها مدينة تمبكتو، فكانت ملتقى للقوافل التجارية من مراكش وشمال افريقيا ومصر، وتمتعت الدولة بثراء كبير نظرا لسيطرتها على مصادر الذهب والنحاس إلى جانب سيطرته على تجارة الذهب في العالم.

كان يسيطر أيضا على تجارة الملح المربحة حينها بسبب توفر الملح بكثرة في مملكته، الملح الذي كان بقيمة تقارن بقيمة الذهب حينها. وتقول بعض المصادر التاريخية إن مملكة منسا موسى الأول كانت تنتج أثناء حكمه نصف الذهب والملح المنتج في العالم.

رحلة حج منسا موسى:

اشتهر منسا موسى بالتقوى والورع، كما كان كريما جوادا كثير الصدقة والبر محبوبا من رعيته. ويصفه أحد المؤرخين بأنه كان متدينا محافظا على الصلاة والقرآن والذكرى، وأنه عندما ذهب إلى الحج ترك ابنه "مقان" على العرش، وبعد عودته من الحج كان يريد أن يترك العرش لابنه ويعود إلى مكة لكي يقيم هناك إقامة دائمة، ولكن الأجل لم يمهله.

وتجمع المصادر التاريخية على أن السبب المباشر لهذا الحج أنه قتل أمه عن طريق الخطأ فأسفر لذلك أشد الأسف، وخاف عقاب الله فتصدق بأموال كثيرة وعزم على صوم الدهر كله، وأنه سأل بعض العلماء عما يفعله فنصحوه بالحج وزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد عمل بنصيحة هؤلاء العلماء وخرج قاصدا الأراضي الحجازية للحج  وللتكفير عن خطئه. ويذكر المؤرخون المعاصرون أن موكب حجه كان أكثر من 60 ألف جندي، وأنه كان يسير أمامه 500 عبدا يحمل كل واحد منهم عصا من الذهب الخالص، وصاحبه  في الرحلة حوالي 14 ألف جارية يقمن بخدمته وخدمة حاشيته.

ومن يقرأ التفاصيل التي أوردها المؤرخون يعتقد أن منسا موسى خرج بجيشه و خزينته وجزء كبير من الدولة للحج في رحلة الحد الأسطورية. ولم يكتفي منسا موسى بهذا الحجم الكبير من الجنود والذهب، بل حرص على أن تكون الرحلة بها كافة وسائل الراحة، فصاحبه عدد من الطباخين المهرة، فكان يقيم الولائم أينما توقف.

 ويقول ابن خلدون وابن حجر إن منسا موسى حمل معه من بلاده حملة 100 جمل من الذهب للإنفاق على الرحلة.

أنفق منسا موسى كل أمواله في رحلته ما بين توزيع الهدايا والصدقات والعطايا، حتى أنه أعطى سلطان مصر هدية قوامها 5 آلاف مثقال ذهبا، وكان يوزع في كل مدينة يمر بها آلاف القطع الذهبية.

وقدر بعض المؤرخين مجموع ما أنفقه في رحلته 20 ألف قطعة ذهبية. ونتج عن هذا الكم انخفاض سعر الذهب في مصر لمدة قاربت عامين، وعندما نفذ الذهب الذي كان يحمله استدار في رحلته، بل أن بعض التجار ذهبوا معه إلى مالي للحصول على أموالهم، ونتج عن تلك الرحلة أن تعرف الأوروبيون على مالي باعتبارها بلد الذهب وسعوا لاحتلالها بعد ذلك.

وفاة منسا موسى:

أصيب منسا موسى في رحلته بمرض كان يصيب الإبل عن طريق العدوى، وتوفي سنة 1337. وبعد موته خلفه ابنه منسا مقان، ثم أخوه منسا سليمان، ولم يكن ورثته قادرين على الحفاظ على مملكته وثرواته التي تم استنزافها، مما جعلت بلاده بعدها مسرحا لتحارب الداخلية ثم مطمعا للجيوش الغازية.

وبمرور الزمن اختفى قصر منسا موسى، إلا أن جامعته والمسجد اللذين أقاماهما وبعضا من آثار مملكة تمبكتو الفريدة لا تزال قائمة وشاهدة على تجرِبة حكم اتسم صاحبها بالكرم والعطاء الجزيل وكرمه التاريخ مؤخرا، معتبرا إياه الإنسان الأغنى والأكثر ثروة ومالا على امتداد التاريخ البشري لكل العصور.