عرفت بكونها امرأة مسلمة عربية من ذرية عقبة بن نافع الفهري القرشي فاتح تونس ومؤسس مدينة القيروان وهي شخصية تاريخية خالدة في ذاكرة مدينة فاس في المغرب والتاريخ المغربي فقد كانت أول مؤسسة لجامعة في التاريخ.
من هي فاطمة الفهرية
هي فاطمة بنت محمد القرشية عاشت في القرن الثالث بعد الهجرة ولا يعرف تحديدا متى ولدت فاطمة الفهرية ولكنها نزحت وهي فتاة صغيرة مع العرب النازحين من مدينة القيروان إلى أقصى المغرب ونزلت مع أهل بيتها في عدوة القرويين زمن حكم الملك إدريس الثاني
حتى تزوجت لها المقام هناك وأصاب أهلها وزوجها الثراء بعد تعب واجتهاد وعمل ولم يمض زمن طويل حتى توفي والدها وزوجها ثم مات أخ له فورثت عنها أموالا كثيرة شاركت فيه هي مريم بنت محمد الفهري التي كانت تكنى بام القاسم كان والدها ضمن المهاجرين إلى فاس وهو رجل عربي من القيروان ذا مال عريض و ثروة طائلة ولم يكن له من الأولاد سوى بنتين هما فاطمة ومريم أحسن تربيتهما واعتنى بهما حتى كبرت فلما مات ورثته ابنته ورأته ضيق المسجد بالمصلين أحبت أن تخليد ذكرى والدي فعمدت فاطمة إلى مسجد القرويين فأعادت بناءه مما ورثته من أبيها في رمضان من سنة 245 هجرية وضاعفت حجمه بشراء الحقل المحيط به وضمت أرضه إلى المسجد وبذلت مبلغا ضخما برغبة صادقة حتى يكتمل بناؤه في صورة بهية حتى إذا شرعت في البناء عقدت العزم على ألا تأخذ ترابا أو مواد بناء من غير الأرض التي اشترتها بمالها وطلبت من عمال البناء أن يحفر حتى أعماق الأرض المزمع إقامة البناء عليها فأخذوا يستخرجون من أعماقها الرمل الأصفر الجديد والأحجار والجص ليستخدمه في البناء وهي بذلك تهدف إلى عدم وجود أي شبهة تشوب مشروع تشييد البناء في المسجد.
كأن فاطمة عالمة بأمور البناء وأصول التشييد لما اتصفت به من مهارة وحذق فبدا واضحا شكل المسجد في أتم رونق وأزهى صورة وأجمل حال وقد ظلت فاطمة الفهرية صائمة محتسبة إلى أن انتهت أعمال البناء وصلت في المسجد شكرا لله, وقد أطلق عليها أم البنين لكثرة تصدقها وإعانتها لطلاب العلم, قال عنها المؤرخ ابن خلدون: فكأنما نبهت عزائم الملوك بعدها وهذا فضل يؤتيه لمن يشاء من عباده الصالحين فسبحانه وتعالى إذا أراد لأمة الرقية والرفعة وأذن لها بالسعادة الغامرة ايقظ من بين أفرادها رجالا ونساء, ايقظ فيهم وجدانا شريفا وشعورا عاليا يدفعهم للقيام بصالح الأعمال وأشرفها.
ومثلما قدمت فاطمة بنت محمد الفهري هذا العمل
سبيلا نجد أختها مريم ام القاسم
تمشي على نفس الدرب فأنشأت مسجدا عرف باسم جامع الأندلس
بعد بناء جامع القرويين قام العلماء بإنشاء حلقات لهم فيه وكان يجتمع حولها
العديد من طلاب العلم وبفضل الاهتمام الفائق بالجامعة من قبل حكام المدينة المختلفين.
تحولت فاس إلى مركز علمي ينافس مراكز علمية ذائعة الصيت كقرطبة وبغداد وانتقل من مرحلة الجامعة إلى مرحلة البداية الجامعية في عهد دولة المرابطين حيث قام العديد من العلماء باتخاذ المسجد مقرا لدروسهم. وفي عصر دولة بني مرين دخل جامع القرويين مرحلة الجامعة الحقيقية حيث بنيت العديد من المدارس حوله وعزز الجامع بالكراسي العلمية والخزانات ويأتي في مقدمة هذه المدارس مدرسة فاس والمدرسة المصباحية التي أسسها أبو الحسن المريني سنة 743 هجرية وكان طلابه هم الذين يختارون الأستاذ الذين يرغبون في التعلم عنده حسب اختصاصه في مادة أو أكثر فيجلس الأستاذ على كرسيه وهو يستند بظهره إلى سارية من سواري المسجد والطلاب في حلقات حوله.
أصبح جامع القرويين والجامعة العلمية الملحقة به مركزا للنشاط الفكرية والثقافية والدينية قرابة الألف سنة درس بها العديد من الفقهاء والعلماء وزارها الشريف الإدريسي ومكث فيها مدة و كتب فيها ابن اجروم كتابه "الاجرومية" الذي يعتبر من أهم كتب النحو العربي. كما اشتهر في الجامعة بعد هجرته من الأندلس الى فاس ابن باجة وكان ممن نبغوا في الطب والفلسفة وبقي هناك إلى أن توفي عام 1138.
وحسب موسوعة غينيس للأرقام القياسية فإن القرويين هي أقدم جامعة في العالم والتي لا زالت تدرس حتى اليوم.
وفاة فاطمة الفهرية
توفيت فاطمة الفهرية في عام 265 هجرية 1180 ميلادية
ولكن المسجد والجامعة التي شيدتها استمرت لأكثر من ألف
عام منبرا من منابر العلم في التاريخ الإسلامي.
إرسال تعليق