الأمير عبد القادر الجزائري عدو للاحتلال الفرنسي و مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة

الأمير عبد القادر الجزائري عدو للاحتلال الفرنسي و مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة


"لوجمعت فرنسا سائر أموالها وخيرتني بأن أكون ملكا عبدا أو أكون حرا فقيرا معدما لاخترت أن أكون حرا فقيرا". الأمير عبد القادر الجزائري.

وهنا نقدم لكم مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة ورمز المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال والاضطهاد الفرنسي. إنه الأمير عبد القادر الجزائري.

من هو الأمير عبد القادر الجزائري؟

هو الأمير عبد القادر بن محي الدين المعروف بعبد القادر الجزائري ولد بتاريخ 6 سبتمبر 1807 م الموافق لـ 15 رجب 1223 هـ ببلدة القيطنة بالقرب من ولاية معسكر بالغرب الجزائري.
اشتهر عبد القادر الجزائري  بمناهضته للاحتلال الفرنسي للجزائر الأبية فهو الكاتب والشاعر والفيلسوف والسياسي والمجاهد العظيم بايعه الجزائريون عام 1832م أميرا لمقاومة المحتل الفرنسي. وقد مرت حياته بثلاث مراحل أساسية قضى المرحلة الأولى منها في طلب العلم والتعرف على أوضاع البلدان العربية وعاش الثانية في الجهاد ومقاومة عدو الجزائر وقضى الثالثة أسيرا في فرنسا ثم مناضلا يعيش المنفى في دمشق.


 كان الإبن الثالث لمحي الدين شيخ الطريقة الصوفية القادرية ومؤلف كتاب إرشاد المريدين الموجه للمبتدئين وأمه زهرة بنت الشيخ سيد بدوما وكانت سيدة مثقفة تلقى تعليمه الأولي بالزاوية التي كان يشرف عليها والده. وانتقل بعد ذلك إلى مدينة وهران فتلقى عن عدد من علمائها أصول العلوم كالتاريخ والفلسفة والرياضيات والأدب العربي وعلم الفلك والطب وغير ذلك. وبذلك كان تعليمه الديني صوفيا سنية أجاد القراءة والكتابة وهو في سن الخامسة كما نال الإجازة في تفسير القرآن والحديث النبوي وهو في الثانية عشرة من عمره ليحمل بعد سنتين لقب حافظ.

الأمير عبد القادر الجزائري عدو للاحتلال الفرنسي و مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة

وبدأ بإلقاء الدروس الفقهية وكان قد شجعه والده على الفروسية وركوب الخيل ومقارعة الانداد والمشاركة في المسابقات التي تقام آنذاك فأظهر تفوقا مدهشا. بعثه والده إلى وهران لطلب العلم من علمائها وحضر دروس الشيخ احمد ابن الخوجة فازداد تعمقا في الفقه كما طالع كتب الفلاسفة وتعلم الحساب والجغرافيا على يد الشيخ أحمد بن الطاهر البطيوي. وقد دامت هذه الرحلة العلمية ما يقرب من السنتين وبعد عودته إلى قرية القيطنة بادر والده إلى تزويجه واختار له بنت عمه لالة خيرة زوجة له فهي تجمع بين محاسن الخلق والنسب الشريف.

اصطدم والده محيي الدين بالحاكم العثماني لـ مدينة وهران فوضعه تحت الإقامة الجبرية في بيته وفي عام 1825م سمح له بأداء فريضة الحج فخرج  وابنه عبد القادر معه ولما أذن لمحي الدين بالخروج لفريضة الحج عام 1825م خرج رفقة ابنه عبد القادر وهو في 18 من عمره فكانت رحلة الأمير عبد القادر إلى تونس ثم مصر ثم الحجاز ثم البلاد الشامية ثم بغداد ثم العودة إلى الحجاز مارا بمصر وطرابلس ثم تونس وأخيرا إلى الجزائر من جديد عام 1828م فكانت رحلة تعلم ومشاهدة ومعايشة للوطن العربي في هذه الفترة من تاريخه وما لبث الوالد وابنه أن استقر في قريتهم القيطنة.

مقاومة الأمير عبد القادر الجزائري الغزو الفرنسي

لم يمض وقت طويل حتى تعرضت الجزائر للحملات العسكرية الفرنسية الشرسة وتمكنت فرنسا من احتلال العاصمة فعلا سنة 5 يوليو 1830م واستسلم الحاكم العثماني ولكن الشعب الجزائري كان له رأي آخر.

والحق أن هذه المرحلة هي أهم مرحلة في حياة الامير عبد القادر الجزائري  لما حفلت به من تطورات خطيرة تتعلق بـ مقاومة الاستعمار الفرنسي فبعد أن اعتذر أبوه عن قيادة المقاومة الشعبية تولى هو قيادتها وبويع على الجهاد عام 1832م وحصلت له البيعة العامة عام 1833م.

الأمير عبد القادر الجزائري عدو للاحتلال الفرنسي و مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة

سارع لتشكيل حكومته ووضع أسس الدولة الجزائرية الحديثة وجمع المتطوعين وكون جيشاً قويا وحقق نجاحات أرغمت قائد الجيش الفرنسي في مدينة وهران على عقد اتفاق هدنة معه سنة 1834م.
 لكن فرنسا لم تلتزم ببنود المعاهدة وهذا دأبهم بل قامت بخرقها عدة مرات وهنا أجبر الأمير عبد القادر الجزائري مرة أخرى الفرنسيين سنة 1837م على المفاوضات معه وإمضاء معاهدة تعترف بسيادته على الناحية الغربية والوسطى للجزائر والتي أمضاها الجنرال الفرنسي حينها بيجو كرر الفرنسيون خرق الهدنة ونهج سياسة الأرض المحروقة باستعمال أساليب وحشية في قتل الأطفال والنساء والشيوخ وحرق كلي للمدن والقرى المساندة له.

وقبل أن يمر عام على الاتفاقية قضى القائد الفرنسي الهدنة مرة أخرى وناصره في هذه المرة بعض القبائل في مواجهة الأمير عبد القادر فنادى الأمير في قومه بالجهاد ونظم الجميع صفوف القتال وحملت هذه المعارك رسالة قوية لفرنسا. 

الأمير عبد القادر الجزائري والسلطان المغربي

مع استمرار ضغط الاستعمار الفرنسي عليه لجأ إلى المغرب الأقصى أملا في دعم السلطان المغربي مولاي عبد الرحمان لكن ضغوط الفرنسيين وتهديداتهم باحتلال المغرب حال دون ذلك فقد هدد الفرنسيون السلطان المغربي ولم يستجب لتهديدهم في أول الأمر بل ساند رفقة المغاربة الأمير في حركته من أجل استرداد وطنه ولكن الفرنسيين ضربوا مدينة طنجة بالقنابل من البحر.
وتحت وطأة الهجوم الفرنسي اضطر السلطان المغربي عبد الرحمان إلى توقيع معاهدة للا مغنية بعدم دعم المجاهدين الجزائريين  فعاد الأمير عبد القادر من المغرب الأقصى إلى الجزائر.
استطاع الجزائريون وذلك بقيادة البطل الأمير عبد القادر الجزائري الصمود أمام تلك الحملة الشرسة محققين عدة انتصارات مستعينين في ذلك ببعض المساعدات والإمدادات المغربية لهم ولما نفد ما لدى الأمير عبد القادر من إمكانيات لم يبق أمامه سوى الاستسلام حقنا لدماء ما تبقى من المجاهدين والأهالي ويجنبهم من بطش الفرنسيين وهذا أمر لا ينساه التاريخ لتلك الأخوة القائمة بين المغرب والجزائر فقد كانت وبفعل الفرنسيين لم تعد وسترجع كما كانت فهذا أصلنا. 

هل استسلام الأمير عبد القادر الجزائري للاحتلال الفرنسي؟

في ديسمبر من سنة 1847م اقتيد الامير عبد القادر إلى سجون فرنسا. وفي بداية الخمسينات أفرج عنه شريطة ألا يعود إلى الجزائر فسافر إلى تركيا ومنها إلى مدينة دمشق عام 1855م.

وعندما وصل المجاهد الأمير عبد القادر الجزائري رفقة عائلته وأعوانه إلى دمشق و استقر هناك  وأسس الأمير عبد القادر ما عرف برباط المغاربة بحي سويقة وهو حي مازال موجودا إلى اليوم. 

الأمير عبد القادر الجزائري عدو للاحتلال الفرنسي و مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة


وسرعان ما أصبح ذا مكانة بين علماء ووجهاء الشام وقام بالتدريس في الجامع الأموي الذي كان أكبر مدرسة دينية في مدينة دمشق آنذاك ثم سافر للحج وعاد ليتفرغ للعبادة والعلم والأعمال الخيرية. وفي عام 1860م تحركت شرارة الفتنة بين الدروز والمسيحيين في منطقة الشام فكان لـ الأمير عبد القادر دور فعال في حماية أكثر من 15 ألف مسيحي إذ استضافهم في مأواه وموقفه هذا كان محل إشادة عالمية.


ماهي مؤلفات الأمير عبد القادر الجزائري؟

أبرز مؤلفات الأمير عبد القادر:

  • كتاب "المقراض الحاد لقطع لسان منتقص دين الإسلام بالباطل والإلحاد
  • كتاب المواقف.
  • كتاب "ذكرى العاقل وتنبيه الغافل" و "رسالة للفرنسيين".
  • كتاب "السيرة الذاتية" لـ الأمير عبد القادر بن محيي الدين الذي كتبه في الأسر سنة 1849.

وفاة الأمير عبد القادر الجزائري

توفي الأمير عبد القادر بمدينة دمشق في منتصف ليلة بـ تاريخ 23 مايو عام 1883م  بعمر ناهز 76 عاماً وقد دفن بجوار الشيخ ابن عربي رحمه الله بالصالحية بدمشق. لوصية تركها الأمير عبد القادر الجزائري وبعد استقلال الجزائر نقل جثمانه إلى الجزائر الأبية عام 1965م ودفن في مقبرة العالية حيث لا تدفن إلا الشخصيات الوطنية الكبيرة فترك العظيم الأمير عبد القادر الجزائري سيرة غنية تُتْلى على كل عاشق للحرية ومناضل من أجل قضية إنسانية ومجاهد من أجل عقيدة دينية ومدافع عن الوطن والوطنية وكما يرجع له الفضل في استقلال الجزائر وتأسيسها. فرحم الله عظيم قصتنا وأسكنه فسيح الجِنَانْ وأحيا في بلد المليون شهيد ألف عظيم وعظيم.

هذه مسيرة حياة العظيم الأمير عبد القادر الجزائري. وما هذه القصة القصيرة التي نقدمها لكم إلا ذكرى لهؤلاء الشخصيات التاريخية العظيمة الذين أثروا في العالم لقرون. كي لا يموت ذكرهم على مر التاريخ.

Post a Comment

أحدث أقدم